Thursday, April 12, 2007

كان يا مكان في 14/شباط من هالزمان- جزء 1

أفاقت على شعور غريب، مبالاة يخالطها شيءً من القرف واليأس. ما تلبث أن تفتح خزانتها، وتسحب منها كنزة زرقاء سميكة كيفما اتفق، وبنطلون جينز, تنظر في المرآة. تخضب شفتيها على عجل، وقد تساءلت لوهلة هل تترك شعرها منسدلاً أم تعصبه. لكن سرعان ما تعتمد الحل الثاني، وقد فارقتها أي رغبة في الاعتناء بنفسها هذا الصباح
ماما، بدك شي؟ أنا رايحة، مارح أتأخر -
لكن قبل أن تسمع ردّ والدتها، تطبع على وجنتها قبلة سريعة، ثم تقبض على حقيبتها وتمضي
همممم.. إلى أين تراها ذاهبة؟ لا تدري. إنما كانت تريد أن تخرج من البيت بأي ثمن. واجهات المحال حولها تزدان باللون الأحمر، والدببة الصوفية الضخمة، وبطاقات المعايدة، وما إلى هنالك من شعارات المناسبة. تنسى نفسها لهنيهات أمام إحدى الواجهات، فإذا بالبائعة تدعوها إلى الدخول وإتنقاء هدية مناسبة للحبيب المحظوظ. فترد لها ابتسامتها المصطنعة بتكلف مماثل، وهي تفكر
“مين فاضي يحبّ أنتي التانية”
بعد قليل، يرن هاتفها. كان الرنين يعزف لحن أغنية فضل شاكر التي تحبها. على عادتها، شرعت تنقب في حقيبتها بحثاً عن الهاتف الذي توارى في زاويا مجهولة، وهو لا ينفك يغيظها برنينه.
“ييييييييي، بدي إكسره”
آلو، هاي منال -
هاي يا بنتي! كيفك؟ شو هالطقس العاطل؟!! وينك؟ -
عم بتمشى -
هلأ وقت تمشاية يا مجنونة؟! بلا هبل وطلعي لعندي -
كانت تعلم أن معارضة منال أشبه بجدل بيزنطي, فما كان منها إلا أن قبلت على مضضّ، متوجهة إلى الشارع المقابل حيث تقطن صديقتها… البرد قارس هذه الأيام. لم يحمل إليها طقس دمشق هذا القدر من البرودة قبلاً. أحكمت إغلاق سترتها، وهي تتساءل لم لا تصدق نشرة الأحوال الجوية، ولو مرّة. تذكرت زياد الذي أخبرها مساء أمس، أنه سيصطحبها إلى بلودان في نهاية الأسبوع. لكن في حال استمرت العاصفة على جنونها هذا لا يخيل إليها أن الطرقات ستبقى سالكة . “يلا أحسن!” أفلتت منها الكلمات الأخيرة بمزيج من العفوية والتأفف. صحيح أنها بحاجة ماسة إلى الهروب من العاصمة وأنها تتوق إلى التمرغ على بساط من خيوط الثلج، لم تعرف له ملمساً منذ أكثر من سنتين، إلا أن قلبها يحدثها أن في بال زياد كلاماً كثيراً ليست مستعدة له
في هذا الوقت كانت قد بلغت بناية الأحلام، حيث تسكن منال. فتحت باب المصعد القديم الذي يحسب مستخدميه انه سيهوي به ما إن يلجه، وضغطت على الزر السادس. فأطلق المصعد خواراً طويلاً، ثم ما لبث ساكناً للحظات، قبل أن يستقر رأيه على التحرك. لكن لم تكد تمضي ثوان حتى رج بها فجأة، وخمد النور الشحيح الذي كان بالكاد ينير المكان. آخ، انقطعت الكهربا، هذا ما كان ينقصها!.. أخذت تطرق الباب بضربات تنم عن إستغاثة وعنف، وهي التي لطالما خشيت الاحتجاز في الأماكن الضيقة. وحين أدركت أنها محتجزة ما بين الطابقين الثاني والثالث، حيث لا يلتصق بالجهة الأخرى من باب المصعد إلا الاسمنت الصلب، أخذت تهتف بنبرة هستيرية:
منااااااااااااااااااال
ماذا عساها ستفعل الآن…..؟